لبنان ـ القنابل تنهي الأرواح والأحلام وكرة القدم!
توقفت الكرة في لبنان عن الدحرجة في الملاعب منذ شهر أيلول/ سبتمبر. ولبنان حزين على اللاعبة سيلين حيدر المصابة بشظايا قنبلة إسرائيلية. سيلين أدخلت في غيبوبة اصطناعية وتقاتل من أجل حياتها. فمن هي سيلين حيدر؟توقفت مباريات كرة القدم في لبنان منذ شهر أيلول/ سبتمبر، لكن هذه الرياضة ما تزال قادرة على توحيد البلاد، التي تُصلّي وتأمل أن تتعافى سيلين حيدر من إصابات تهدد حياتها. فسيلين، اللاعبة البالغة من العمر 19 عامًا، لعبت بالفعل ضمن صفوف منتخب لبنان للسيدات، وتوقع لها الجميع مستقبلًا باهرًا كلاعبة وسط موهوبة.
بيد أنها وفي 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، أصيبت بشظايا قنبلة إسرائيلية سقطت على بيروت، في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله في الأشهر الأخيرة.
نزح نحو مليون شخص من المناطق الجنوبية للعاصمة بسبب الضربات الإسرائيلية ، لكن سيلين حيدر عادت لمتابعة دراستها وتدريباتها فأصيبت. ومنذ ذلك الحين، تقاتل من أجل حياتها في مستشفى سان جورج في بيروت، وقد أُدخلت في غيبوبة اصطناعية.
تقول لاما عابدين، زميلة سيلين في الفريق، لـ DW: "لا أستطيع وصف شعوري عندما سمعت ما حدث. سيلين بمثابة أخت لي، وهي واحدة من أطيب وأنقى الأشخاص الذين أعرفهم. دائمًا ما تكون إلى جانب الجميع، تستمع إلى مشاكلهم، تشجعهم، وتنشر السعادة من حولها. سنواصل الدعاء من أجلها، على أمل أن تعود لنا متعافية بالكامل".
مثال يحتذى به
كانت عابدين مع سيلين عندما فاز لبنان ببطولة غرب آسيا تحت 18 عامًا عام 2022، وهو انتصار احتُفل به في جميع أنحاء البلاد. كما أنّ الآمال قوية في أن يتمكن المنتخب النسائي من التأهل إلى كأس آسيا 2026 في أستراليا. "شاركتُ مع سيلين منذ عام 2022"، تقول عابدين، وتضيف : "فزنا بالبطولات معًا، خسرنا معًا، احتفلنا معًا، والأهم أننا دعمنا بعضنا البعض في كل مباراة. لقد استمتعت دائمًا بلعبها في خط الوسط".
قطعت سيلين شوطًا طويلًا من الدراسة إلى الأندية، وصولًا إلى أكاديمية بيروت لكرة القدم (BFA)، حيث ساعدت النادي في الفوز بالدوري اللبناني للسيدات الموسم الماضي دون خسارة أي مباراة، وكانت مرشحة لقيادة الفريق الموسم المقبل.
يقول زياد سعادة، مدير فريق الأكاديمية: "رحلة سيلين تعكس تفانيها وإصرارها وموهبتها، مما يجعلها مثالًا ملهمًا للاعبات الصغيرات الطموحات. قدرتها على التطور من موهبة شابة إلى لاعبة رئيسية في فريق بطل تعكس أخلاقيات عملها والتزامها".
مشاكل اقتصادية وسياسية طويلة الأمد
عانت كرة القدم في لبنان من مشاكل قبل الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله. فقد تأثر البلد بأزمات اقتصادية وسياسية خطيرة، أبرزها انفجار بيروت عام 2020 الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وأصاب أكثر من 7000. وكان المنتخب الرجالي قد وصل إلى الدور النهائي من تصفيات كأس العالم 2022 ، حيث استُخدمت مكافآت الفريق لمساعدة الأندية المتعثرة.
لكن النساء أيضًا حققن تقدمًا ملحوظًا. يقول وائل شهيب، عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد اللبناني لكرة القدم: "كرة القدم النسائية كانت تتطور بشكل رائع قبل الهجمات الإسرائيلية. كانت هناك فرق قوية في جميع الفئات العمرية، ولاعبات موهوبات، لكن كل شيء توقف مع بدء الهجمات".
أمل في مستقبل أفضل
بحلول آذار/ مارس، يأمل الجميع أن تكون سيلين قد تعافت وعادت إلى القيام بما تحبه. تقول عابدين: "كانت سيلين تحلم دائمًا بالوصول إلى أعلى المستويات، وحققت حلمها مؤخرًا بفضل عملها الشاق والتزامها".
وتضيف رينا ماضي، التي لعبت مع سيلين في نادي "الإخاء الأهلي عاليه" : "سيلين شخص مليء بالطاقة والإيجابية، دائمًا ما تبتسم وتضحك، مما يجعلها روح الفريق. كصديقة، هي دائمًا متوفرة لدعمك بلطفها ووفائها".
واليوم تقف أسرة كرة القدم اللبنانية مع سيلين، متمنية لها الشفاء العاجل. تضيف ماضي: "كان سماعنا عن إصابة سيلين صدمة حقيقية وغير متوقعة. كان من الصعب استيعاب الأمر في البداية، وما زلنا نشعر بقلق عميق، لكن لدينا ثقة كاملة في قوتها ومرونتها."
إلى المستشفى، اصطحب مدرب سيلين سامر بربري زميلاتها في الفريق لتقديم الدعم لها. ويتحدث لفرانس برس بحرقة عن مزاياها كلاعبة وسط دفاعية. ويقول "هي مقاتلة في الملعب. حلقة الوصل بين الدفاع والهجوم. هي فتاة رائعة ولاعبة رائعة". ويوضح المدرب "كانت ستتواجد مع المنتخب الأول في مشاركاته المقبلة وتحمل شارة القائدة في فريقنا الموسم المقبل".
بيد أنه وعلى وقع جولة التصعيد الأخيرة، أرجأ الاتحاد اللبناني لكرة القدم في 24 أيلول/سبتمبر كل نشاطاته بما فيها بطولة الدوري العام للدرجة الأولى.
تقول والدة سيلين بتأثر شديد "كانت تحب الحياة كثيرا.. وحلمها أن تصبح بطلة وتتحدث الدنيا كلها عنها، لكن اليوم الدنيا كلها تتحدث عنها لأنها أصيبت في حرب لا علاقة لها بها".
أعده للعربية: عباس الخشالي